أثر وباء كورونا على العمل اللائق في الأردن 2020

دخلت جائحة كورونا على سوق العمل الأردني وهو يعاني من العديد من المشكلات والاختلالات في مختلف مكوناته، فمن جانب تراجع قدرات الاقتصاد الوطني على توليد فرص عمل كافية للداخلين الجدد إلى سوق العمل من خريجي النظام التعليمي بمختلف أنواعها، ومن جانب آخر تراجع في شروط العمل اللائق وفق المعايير الأردنية الواردة في قانوني العمل والضمان الاجتماعي والأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة بموجبهما. وشهد عام 2019 تعديلات على قانوني العمل والضمان الاجتماعي العديد منها شكلت تراجعا عما استقر عالميا ومحليا باعتبارها معايير تتواءم نسبيا مع معايير العمل اللائق، وعليه فإن هذه التعديلات أضعفت بشكل ملموس شروط العمل اللائق.

ورغم ان الأردن كان أول دولة عربية يوقع اتفاقية مع منظمة العمل الدولية في عام 2006 ، لتنفيذ برنامج وطني للعمل اللائق استمر العمل به حتى عام 2009 ، واتبعه ببرنامج آخر شكل مرحلة ثانية للبرنامج الأول، تحت عنوان «البرنامج الوطني للعمل اللائق » في عام 2012 ، الذي انتهى العمل به في نهاية عام 2015 ، ثم تم التوقيع على برنامج ثالث جديد في نهاية العام الماضي 2018 ، إلا أن شروط العمل في المملكة ما زالت تعاني من ضعف كبير، لا بل تتراجع في العديد من القطاعات الاقتصادية خاصة مع استمرار تأثيرات جائحة كورونا وانعكاسها على معايير العمل اللائق.

فمن جانب ما زالت العديد من سياسات العمل غير قادرة على الخروج من دائرة الرغبات والشعارات، اذ أن المقومات الأساسية اللازمة لتطوير سياسات عمل عادلة وفاعلة وأدوات تنفيذها تعتبر من المساحات «المحظور العمل فيها»، فمن غير المنطقي تحقيق أي تقدم في مجال تحسين ظروف العمل، من دون وجود آليات حوار اجتماعي فعالة بين مختلف أصحاب المصالح في سوق العمل، يتمتع فيها كل طرف )الحكومة وأصحاب العمل والعمال( بالاستقلالية والقوة القانونية والاجتماعية.

وكما هو معروف فإن الطرف الأساسي ذو المصلحة في عملية تطوير سياسات عمل لائقة والمساهمة في تطبيقها يتمثل في العمال ومنظماتهم النقابية، وغالبية النقابات في الأردن لا تتمتع بالاستقلالية والقوة التي تمكنها من المساهمة الفعالة في تحقيق تقدم في مجال شروط العمل، حيث ما زالت تشريعات العمل تقيد حق غالبية العاملين بأجر في تأسيس منظمات نقابية. والموجود منها، لا يقوى على الدفاع عن مصالح من يمثلهم لأسباب متعددة، تتمثل في محدودية تمثيله للعاملين، وغياب رؤية عمالية واضحة عن توجهاته، حيث تتماهى مواقفه نحو سياسات العمل والسياسات الاقتصادية ذات العلاقة مع رؤى الحكومة وأصحاب الأعمال، هذا إلى جانب غياب آليات العمل الديمقراطي داخل البنى النقابية القائمة ذاتها.

وتضمنت التعديلات التي أجريت على قانون العمل خلال السنوات القليلة الماضية إضعافا لقدرة المنظمات النقابية على التأثير والمفاوضة الجماعية، كذلك أضعفت التعديلات الأخيرة على قانون الضمان الاجتماعي الحمايات الاجتماعية لفئة الشباب، ما سيؤثر سلبا على تمتع العاملين والعاملات بمعايير العمل اللائق.

يتضمن هذا التقرير المقتضب استعراضا لظروف العمل اللائق في الأردن على مستوى التشريعات والسياسات والممارسات على أرض الواقع استنادا إلى معايير العمل اللائق المتعارف عليها عالميا، والمتمثلة في توفير فرص عمل، وضمان حرية التنظيم النقابي والحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية، وتوفير الحمايات الاجتماعية، وضمان الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل، وسيتم تقديم هذه القراءة التقيمية قبل تأثيرات جائحة كورونا وبعدها.

للمزيد: اضغط هنا